لماذا سُمي قرآناً؟
اُختلف في الاسم "قرآن"؛ فقال جماعةٌ: هو اسمُ علمٍ غيرُ مشتقٍ خاصٍ بكلام الله، فهو غير مهموزٍ. وبه قرأ ابن كثيرٍ، وهو مروىٌ عن الشافعي. (يقول السيوطي: "والمختار عندي ما نص عليه الشافعي").
وأخرج البيهقي والخطيب وغيرهما أن القرآن اسمٌ ليس بمهموزٍ، لم يؤخذ من قراءة، ولكنه اسمٌ لكتاب الله مثل التوراة والإنجيل.
وقال قومٌ منهم الأشعري: هو مشتقٌ من قرنتُ الشيء بالشيء: إذا ضممتُ أحدهما إلى الآخر، وسُمى به القرآن لضمه السور والآيات والحروف. وقال الفراء: هو مشتقٌ من القرائن لأن الآيات منه يُصَّدِق بعضُها بعضاً ويشابه بعضُها بعضاً وهي قرائن. وعلى القولين بلا همزٍ أيضاً ونونه أصلية.
وقال الزجاج: الصحيح أن ترك الهمز فيه من باب التخفيف ونقل حركة الهمز إلى الساكن قبلها.
واختلف القائلون بأنه مهموزٌ؛ فقال اللحياني: هو مصدرٌ للفعل "قرأت" كالرجحان والغفران، سُمى به الكتاب المقروء من باب تسمية المفعول بالمصدر.
وقال آخرون منهم الزجاج: هو وصفٌ على وزن فعلان مشتقٌ من "القُرء" بمعنى الجمع، ومنه قرأتُ الماء في الحوض: أي جمعته. قال أبو عبيدة: وسُمى بذلك لأنه جمع السور بعضَها إلى بعض.
وقال الراغب: لا يُقال لكل جمعٍ "قرآن"، ولا لجمع كل كلامٍ "قرآن". وإنما سُمي قرآناً لكونه جمع ثمرات الكتب السالفة المنزلة.
وقيل لأنه جمع أنواع العلوم كلها.
وحكى قطرب إنه سُمى قرآناً لأن القارئ يُظهره ويُبينه من فيه [أي من فمه]، أخذاً من قول العرب ما قَرَأَت الناقةُ سلاقط: أي ما رمت بولدٍ: أي ما أسقطت ولداً: أي ما حملت قط، والقرآن يلقطه القارئ من فيه ويلقيه فسُمي قرآناً
مقتطفات من كتاب:
*"الإتقان في علوم القرآن"*
لجلال الدين السيوطي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق