مسألة : هل يجوز أن يقال في رد السلام على غير المسلم : وعليكم السلام ؟
اجاب الألباني رحمه الله بالجواز بشرط أن يكون سلامه فصيحا بينا لا يلوي فيه لسانه ، كما كان اليهود يفعلونه مع النبي ﷺ وأصحابه بقولهم : السام عليكم . فأمر النبي ﷺ بإجابابتهم بـ " وعليكم " فقط ، كما ثبت في " الصحيحين " وغيرهما من حديث عائشة . ثم قال : قلت : فالنظر في سبب هذا التشريع ، يقتضي جواز الرد بالمثل عند تحقق الشرط المذكور ، وأيدت ذلك بأمرين اثنين :الأول : قوله ﷺ : " إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول : السام عليك ، فقولوا : وعليك " أخرجه الشيخان .
فقد علل النبي ﷺ قوله : " فقولوا : وعليك " بأنهم يقولون : السام عليك ، فهذا التعليل يعطي أنهم إذا قالوا :
" السلام عليك " أن يرد عليهم بالمثل : " وعليك السلام " ، ويؤيده الأمر الآتي وهو : الثاني : عموم قوله تعالى ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) فإنها بعمومها تشمل غير المسلمين أيضا .
وقال أيضا : ويؤيد أن الآية على عمومها أمران : الأول : ما أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " والسياق له وابن جرير الطبري في " التفسير " من طريقين عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال : " ردوا السلام على من كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا ذلك بأن الله يقول : (وإذا حييتم بتحية ... ) الآية " .
قلت : وسنده صحيح لولا أنه من رواية سماك عن عكرمة وروايته عنه خاصة مضطربة ولعل ذلك إذا كانت مرفوعة وهذه موقوفة كما ترى ، ويقويها ما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لو قال لي فرعون : " بارك الله فيك " قلت : وفيك .
وفرعون قد مات . أخرجه البخاري في " أدبه " ، وسنده صحيح على شرط مسلم .
والآخر : قول الله تبارك وتعالى : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) . فهذه الآية صريحة بالأمر بالإحسان إلى الكفار المواطنين الذين يسالمون المؤمنين ولا يؤذونهم والعدل معهم ، ومما لا ريب فيه أن أحدهم إذا سلم قائلا بصراحة : " السلام عليكم " ، فرددناه عليه باقتضاب : " وعليك " أنه ليس من العدل في شيء بله البر لأننا في هذه الحالة نسوي بينه وبين من قد يقول منهم " السام عليكم " ، وهذا ظلم ظاهر . والله أعلم . انتهى .
أما حديث ابن عمر ، مرفوعا بلفظ : " إنكم لاقون اليهود غدا ، لا تبدءوهم بالسلام ، فإن سلموا عليكم فقولوا : وعليكم " رواه البيهقى بإسناد صحيح على شرط الشيخين وحديث أبى بصرة قال : قال رسول الله ﷺ : " إنا غادون [ إلى يهود ] فلا تبدءوهم بالسلام فإن سلموا عليكم فقولوا: وعليكم " رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني وصححه الألباني .
وان كان الحديث في الخروج إلى اليهود غير أن الحديث الذي في الصحيحين فيه ذكر النصارى ، وهذايدل على العموم .
المسألة الثانية : لقيت أحد من اهل الكتاب في طريق ، فاضطروه إلى أضيقه ، كيف ذلك ؟
قال القرطبي في قوله وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه معناه لا تتنحوا لهم عن الطريق الضيق إكراما لهم واحتراما وعلى هذا فتكون هذه الجملة مناسبة للجملة الأولى في المعنى وليس المعنى إذا لقيتموهم في طريق واسع فألجئوهم إلى حرفه حتى يضيق عليهم لأن ذلك أذى لهم وقد نهينا عن أذاهم بغير سبب . والله أعلم . أبوعبدالوهاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق