لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم - و ذكر WA ZAKKER

Breaking

الاثنين، 1 يونيو 2020

لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم

*وقول الله تعالى: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم الآية [التوبة: 128].*

*🌺قوله: لقد جاءكم رسول من أنفسكم،* الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسم، واللام، وقد، وهي مؤكدة لجميع مدخولها *بأنه رسول، وأنه من أنفسهم، وأنه عزيز عليه ما يشق علينا، وأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم،* فالقسم منصب على كل هذه الأوصاف الأربعة.
والخطاب في قوله: *جاءكم* قيل: للعرب، لقوله: *من أنفسكم،* فالرسول  من العرب، قال تعالى: *هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم [الجمعة: 2].*
ويحتمل أن يكون عاماً للأمة كلها، ويكون المراد بالنفس هنا الجنس، أي: ليس من الجن ولا من الملائكة، بل هو من جنسكم، كما قال تعالى: *هو الذي خلقكم من نفس واحدة [الأعراف، 189].*
وعلى الاحتمال الأول فيه إشكال، لأن النبي  بعث إلى جميع الناس من العرب والعجم.

✍️ولكن يقال في الجواب: إنه خوطب العرب بهذا، لأن منة الله عليهم به أعظم من غيرهم، حيث كان منهم، وفي هذا تشريف لهم بلا ريب.

✍️والاحتمال الثاني أولى، للعموم، ولقوله: *لقد من الله على المؤمنين إذا بعث فيهم رسولاً من أنفسهم [آل عمران: 164]،* ولما كان المراد العرب، قال: منهم لا *"من أنفسهم"*، قال الله تعالى: *هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم،* 

وقال تعالى عن إبراهيم وإسماعيل: *ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم،* وعلى هذا، فإذا جاءت *"من أنفسهم"*، فالمراد: عموم الأمة، وإذا جاءت *"منهم"،* فالمراد: العرب، فعلى الاحتمال الثاني لا إشكال في الآية.
قوله: *رسول،* أي: من الله، كما قال تعالى: *رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة،* وفعول هنا بمعنى مفعل، أي: مرسل.
*ومن أنفسكم،* سبق الكلام فيها.

*🌺قوله: عزيز،* أي: صعب، لأن هذه المادة العين والزاي في اللغة العربية تدل على الصلابة، ومنه: *"أرض عزاز"*، أي: صلبة قوية، 
*والمعنى: أنه يصعب عليه ما يشق عليكم،* ولهذا بعث بالحنيفية السمحة، وما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، وهذا من التيسير الذي بعث به الرسول .

*🌺قوله: ما عنتم*، ما: مصدرية، وليس موصولة، أي: عنتكم، *أي: مشقتكم،* لأن العنت بمعنى المشقة، 

قال تعالى: *ذلك لمن خشي العنت منكم [النساء: 25].* 
والفعل بعد ما يؤول إلى مصدر مرفوع، لكن بماذا هو مرفوع؟
يختلف باختلاف عزيز إذا قلنا: بأن عزيز صفة لرسول، صار المصدر المؤول فاعلاً به، أي: عزيز عليه عنتكم، وإن قلنا: عزيز خبر مقدم، صار عنتكم مبتدأ، والجملة حينئذ تكون كلها صفة لرسول، أو يقال: عزيز مبتدأ، وعنتكم فاعل سد مسد الخبر على رأي الكوفيين الذي أشار إليه ابن مالك في قوله: وقد يجوز نحو فائز أولو الرشد.

*🌺قوله: حريص عليكم،* الحرص: بذل الجهد لإدراك أمر مقصود، 
*والمعنى: باذل غاية جهده في مصلحتكم،* فهو جامع بين أمرين:
◾ دفع المكروه الذي أفاده قوله: عزيز عليه ما عنتم، 
◾وحصول المحبوب الذي أفاده قوله: حريص عليكم، فكان النبي  جامعاً بين هذين الوصفين، وهذا من نعمة الله علينا وعلى الرسول  أن يكون على هذا الخلق العظيم الممثل بقوله تعالى: *وإنك لعلى خلق عظيم [القلم: 4].*

*🌺قوله: بالمؤمنين رؤوف رحيم*، بالمؤمنين: جار ومجرور خبر مقدم، ورؤوف: مبتدأ مؤخر، ورحيم: مبتدأ ثان، وتقديم الخبر يفيد الحصر.

*🌺والرأفة:* أشد الرحمة وأرقها.

*🌺والرحمة:* رقة بالقلب تتضمن الحنو على المرحوم والعطف عليه بجلب الخير له ودفع الضرر عنه.
*📚 القول المفيد*
      *لشيخ الإسلام*
      *شرح بن عثيمين*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الصفحات